الصراع بين حلفي تحكات وتكوزلت
تصف المصادر التاريخية بلاد كزولة بمنطقة توفرت فيها ظروف الاستقرار ، حيث كانت قبلة لكل القبائل المجاورة لها ، وحتى البعيدة منها ،ووصل صداها مختلف الأقطار في الشرق و الغرب ،ولعل ما مكن هده البلاد أن تحتل هده المكانة هو غناها النسبي في مختلف المجالات ، وخصوصا الاقتصادية منها ، ولعل ما ساعداها على دلك هو التكامل هو التكامل الحاصل بين استغلال الأرض و المعدن ، بالإضافة إلى مزاولة التجارة البعيدة المدى ، وعلى غرار كل المجتمعات ، فقد حصل أن عرفت المنطقة صراعات بين القبائل ،خصوصا حول المجال الاقتصادي ، وقد نتج عن هدا الصراع الاقتصادي صراع سياسي بين حلفين متناحرين هنا : " تحكات " و "تكزولت " . وتعتبر نشأتهما من الأمور الغامضة على حد تعبير أغلب المؤرخين .ويعتبر الاختلاف حول الأرض بين القبائل الطارئة والمستقرة من أبرز أسباب نشؤ هدا الصراع وقد كان لهده الأحلاف الدور الفاعل في رسم تاريخ بلاد كزولة حتى مجيء الاحتلال الأجنبي للمنطقة و سنحاول إعطاء تاريخ للف مع تناول الظاهرة اللفية في الأطلس الصغير (جبال جزولة )، وتبيان القبائل المكونة لكل حلف على حدة.
تعتبر الظاهرة اللفية في تاريخ المغرب ، وشمال إفريقيا عامة مسألة متشعبة ،ويعتبر الحديث عنها ما يزال في بدايته ، ونتيجة لدلك يعتبر فهمها و تفسيرها بشكل شمولي غير ممكن ، نظرا لعوامل متعددة ،أبرزها قصور المعرفة التاريخية لدا المؤرخين عن تحقيق دلك، والسبب راجع إلى قلة المادة التاريخية حولها . و قد نشى في جنوب المغرب حلفان يمتدان على طول البلاد، و أصلهما مجهول و قديمين جدا ، ويطلق عليهما اللف أو اللفوف بصيغة الجمع ، وتحمل اسم " تحكات " و " تكزولت " في كل من جنوب واد ماسة ،و في أزغار تزنيت و الأطلس الصغير الغربي حتى واد نون ، وبالتالي ما هو التعريف التاريخي للف ؟ يكاد أغلب المؤرخين يتفقون على أن اللف وحدة قبلية ، تؤسس للدفاع المشترك ،حيث أن الحلف يبني على أساس كتابة عقد يدعى " أمكون " و يعتبر أكبر تجمع في النظام القبلي ، ويشير العثماني إلى أن جزولة تضم قبائل كثيرة ،و أفخاذ مختلفة ، تجمع بينهما رابطة الدم و القرابة ، بالإضافة إلى المصلحة المشتركة ، وتؤسس الأحلاف فيما بينهما ، وتسمى في لغتهم " أمكون " أي الحلف. لكن مع دلك تبقى كل قبيلة محتفظة باستقلالها الذاتي ، ويعترف لها بالشخصية داخل هدا الإتحاد و هو ما يسمى بلغة العصر ، النظام اللامركزي،و قد دهب " جوستينار " أبعد من هدا فقام بربط بين الأحلاف وبلاد السيبة، أي أن اللف ليس سوى مظاهر البلاد إبان هده المرحلة ، حيث يوجد في كل وقت ، لكنه لا يتبلور إلا أثناء نشوب الخلافات بين القبائل من خلال هده اللفوف ،يظهر ميل الأمازيغ إلى النزعة الفردية وتماسكهم أثنا الحروب ،لكن ما دهب إليه " جوستينار " لا يعد و إن يكون فكرة استعمارية عن القبائل الجزولية ،ووصفها بالسيبة يهدف إلى التنقيص من أهمية المؤسسات المحلية قصد إعطاء الشرعية للاحتلال الفرنسي للمنطقة نرى كيف أن " روبير مونطاني " يعتبر اللف بالأطلس الصغير مجموعة من ( البربر) الوافدين أي جزولة أو قبائل قديمة بالمنطقة كما هو الحال بالنسبة ل " إحكاتن " ووصفه للجزوليين بالدخلاء مجرد تخمين لا يستطيع نفيه أو إثباته ،و يبقى من مهمة البحث التاريخي ، و تعتبر دراسة اللف بالأطلس الصغير أول محاولة لدراسة اللف الامازيغي خصوصا " تسكتانت " و " تكزولت " و، وقد أشار إليهما " شارل دوفوكو " ، لكن مع دلك لم يعرف بهما و الظاهرة اللفية قديمة جدا في هده الجبال الجزولية ، ورغم دلك لم يكن يعتبرها الجمود وغير قابلة للتجوز ، حيث أنها استمرت كمؤسسة ضرورية لتحقيق التوازن الذي لابد منه بين كتل قبلية كبيرة ، تعيش طليقة لا تخدع لحكم مركزي يضمن هدا التوازن . ويعتبر دور اللف داخل البنية الاجتماعية أكثر تعقيدا ، إذ أنهم بقدر ما يمكن من إعادة التوازن السياسي داخل الجماعة القبلية ، بقدر ما يمكن قوة خارجية من احتواء الفرق التي استمدت منها الحماية . و حسب أطروحة " كلنير " ، فالتضامن في القبيلة لا يأتي من القرابة و اللقب أو الهدف السياسي ، ولكن على النقيض من دلك يأتي من القلاقل و الاضطرابات التي تهدد مصير القبيلة وتبقى هده الأخيرة تربة للصراعات ، حيث يتدخل العلماء لتسكين الوضع، وما يميز الظاهرة اللفية بصفة عامة في جبال جزولة ووادي درعة و خاصة هو كون اللفين لا يحملان نفس الاسم ، خصوصا كلما اتسعت الدائرة الجغرافية التي تشملها هده الأحلاف ،ومما يزيد الأمر تعقيدا هو إمكانية تغير الانتماء من حلف لآخر حسب المصلحة و ميزان القوى ، ينضاف إلى هدا عامل آخر يتمثل في حركية الظاهرة و إستمراريتها داخل التنظيم القبلي ، أي قدرتها على إعادة التوازن في غياب جهاز مركزي ، يتولى دلك ،و الأمر يهم هنا السلطة المخزنية . كانت نحلتا تكزولت و تحكات أساس الصراع المحلي في الأطلس الصغير ، وقد اعتنقت دار ال بورحيم رئاسة تحكات ، ويضم هدا الحلف سنة 1886 كلا من افران اشتوكن ماسة ،تزنيت ، أيت ابراييم ، العوينة ، إداوبعقيل، أيت أومريبط ، بينما كانت رئاسة تكزولت فس نفس السنة في دار بن هاشم بالزاوية التزروالتية ، والقبائل التي تستظل بهده النحلة هي على التوالي أصبويا ،لاخصاص أيت الخمس ، أيت اعزا ، أيت اعبد الله ، أيت رخاء ، أكلــو، الساحل ، الروافض ، الركيبات ، أيت اوسا ، أيت المعدر ، إد براهيم ، تمنارت ، أيت لحسن ، و يبدو أن نحلة تحكات كما يسميها المختار السوسي ، لم تضعف و تتراجع سمعتها إلا بعد القرن السابع عشر الميلادي (17 م) ، وخصوصا عندما تحالفت نحلة تكزولت المناهضة لها مع أسرة بودميعة الإليغية ، و قد سهل هدا الانحراف المفروض ظرفيا عن القواعد الإليغية الداخلية انتصار تكزولت على تحكات ، حيث أتاح هدا الانتصار الفرصة لسيادة خطاب المنتصر في وقت تدخلت فيه عوامل أخرى لتفسد اللعبة الليفية في أساسها ، لتبقى صورة المنتصر لصيقة بالجزوليين إلى يومنا هدا ، وتركيبة كل حلف ليست مطلقة داخل نفس القبيلة يوجد غالبا اجزاء للفين كأيت الخمس ، أصبويا و الساحل مثلا ، وقد يحدث أن تنسحب قبيلة من حلفها الأصلي ن وتلتحق بالحلف المضاد، نظرا لظروف تاريخية معينة ، فمثلا إداوبعقيل كانت جزولية الأصل ، لكن لصراعها مع إمجاض ،و الدي حسمت فيه تزروالت لصالح امجاض اضطرت إداوبعقيل الإنضمام إلى الحلف المضاد تحكات ، ولا يقتصر الدور التاريخي لحلفي تحكات و تكزولت الحفاظ على التوازن بين المجتمعات القبلية المحلية فحسب ، بل أكثر من دلك يتجلى في خلق من التوثر الدائم بين الطرفين ، يحول دون الوقوع في مصادمات و حروب فعلية ، و إدا وقعت فلأن التوازن القائم قد اختل لسبب ما ، وإذا تمت الغلبة للقوي على الضعيف ، فإنها قلما تكون دائمة ، لأنه من الممكن تجاوزها بمساعدة الحلفاء أو بتدخل قوة المخزن أو الاستعمار الفرنسي لاحقا ، ويعتبر هدا المحور إطلالة تاريخية نعرف من خلالها اللف و دوره داخل المجموعة القبلية ، إضافة إلى كونه تمهيد لمحور آخر نتناول من خلاله إشكالية التسمية لكل من الحلفين و أصولها التاريخية
تعتبر الظاهرة اللفية في تاريخ المغرب ، وشمال إفريقيا عامة مسألة متشعبة ،ويعتبر الحديث عنها ما يزال في بدايته ، ونتيجة لدلك يعتبر فهمها و تفسيرها بشكل شمولي غير ممكن ، نظرا لعوامل متعددة ،أبرزها قصور المعرفة التاريخية لدا المؤرخين عن تحقيق دلك، والسبب راجع إلى قلة المادة التاريخية حولها . و قد نشى في جنوب المغرب حلفان يمتدان على طول البلاد، و أصلهما مجهول و قديمين جدا ، ويطلق عليهما اللف أو اللفوف بصيغة الجمع ، وتحمل اسم " تحكات " و " تكزولت " في كل من جنوب واد ماسة ،و في أزغار تزنيت و الأطلس الصغير الغربي حتى واد نون ، وبالتالي ما هو التعريف التاريخي للف ؟ يكاد أغلب المؤرخين يتفقون على أن اللف وحدة قبلية ، تؤسس للدفاع المشترك ،حيث أن الحلف يبني على أساس كتابة عقد يدعى " أمكون " و يعتبر أكبر تجمع في النظام القبلي ، ويشير العثماني إلى أن جزولة تضم قبائل كثيرة ،و أفخاذ مختلفة ، تجمع بينهما رابطة الدم و القرابة ، بالإضافة إلى المصلحة المشتركة ، وتؤسس الأحلاف فيما بينهما ، وتسمى في لغتهم " أمكون " أي الحلف. لكن مع دلك تبقى كل قبيلة محتفظة باستقلالها الذاتي ، ويعترف لها بالشخصية داخل هدا الإتحاد و هو ما يسمى بلغة العصر ، النظام اللامركزي،و قد دهب " جوستينار " أبعد من هدا فقام بربط بين الأحلاف وبلاد السيبة، أي أن اللف ليس سوى مظاهر البلاد إبان هده المرحلة ، حيث يوجد في كل وقت ، لكنه لا يتبلور إلا أثناء نشوب الخلافات بين القبائل من خلال هده اللفوف ،يظهر ميل الأمازيغ إلى النزعة الفردية وتماسكهم أثنا الحروب ،لكن ما دهب إليه " جوستينار " لا يعد و إن يكون فكرة استعمارية عن القبائل الجزولية ،ووصفها بالسيبة يهدف إلى التنقيص من أهمية المؤسسات المحلية قصد إعطاء الشرعية للاحتلال الفرنسي للمنطقة نرى كيف أن " روبير مونطاني " يعتبر اللف بالأطلس الصغير مجموعة من ( البربر) الوافدين أي جزولة أو قبائل قديمة بالمنطقة كما هو الحال بالنسبة ل " إحكاتن " ووصفه للجزوليين بالدخلاء مجرد تخمين لا يستطيع نفيه أو إثباته ،و يبقى من مهمة البحث التاريخي ، و تعتبر دراسة اللف بالأطلس الصغير أول محاولة لدراسة اللف الامازيغي خصوصا " تسكتانت " و " تكزولت " و، وقد أشار إليهما " شارل دوفوكو " ، لكن مع دلك لم يعرف بهما و الظاهرة اللفية قديمة جدا في هده الجبال الجزولية ، ورغم دلك لم يكن يعتبرها الجمود وغير قابلة للتجوز ، حيث أنها استمرت كمؤسسة ضرورية لتحقيق التوازن الذي لابد منه بين كتل قبلية كبيرة ، تعيش طليقة لا تخدع لحكم مركزي يضمن هدا التوازن . ويعتبر دور اللف داخل البنية الاجتماعية أكثر تعقيدا ، إذ أنهم بقدر ما يمكن من إعادة التوازن السياسي داخل الجماعة القبلية ، بقدر ما يمكن قوة خارجية من احتواء الفرق التي استمدت منها الحماية . و حسب أطروحة " كلنير " ، فالتضامن في القبيلة لا يأتي من القرابة و اللقب أو الهدف السياسي ، ولكن على النقيض من دلك يأتي من القلاقل و الاضطرابات التي تهدد مصير القبيلة وتبقى هده الأخيرة تربة للصراعات ، حيث يتدخل العلماء لتسكين الوضع، وما يميز الظاهرة اللفية بصفة عامة في جبال جزولة ووادي درعة و خاصة هو كون اللفين لا يحملان نفس الاسم ، خصوصا كلما اتسعت الدائرة الجغرافية التي تشملها هده الأحلاف ،ومما يزيد الأمر تعقيدا هو إمكانية تغير الانتماء من حلف لآخر حسب المصلحة و ميزان القوى ، ينضاف إلى هدا عامل آخر يتمثل في حركية الظاهرة و إستمراريتها داخل التنظيم القبلي ، أي قدرتها على إعادة التوازن في غياب جهاز مركزي ، يتولى دلك ،و الأمر يهم هنا السلطة المخزنية . كانت نحلتا تكزولت و تحكات أساس الصراع المحلي في الأطلس الصغير ، وقد اعتنقت دار ال بورحيم رئاسة تحكات ، ويضم هدا الحلف سنة 1886 كلا من افران اشتوكن ماسة ،تزنيت ، أيت ابراييم ، العوينة ، إداوبعقيل، أيت أومريبط ، بينما كانت رئاسة تكزولت فس نفس السنة في دار بن هاشم بالزاوية التزروالتية ، والقبائل التي تستظل بهده النحلة هي على التوالي أصبويا ،لاخصاص أيت الخمس ، أيت اعزا ، أيت اعبد الله ، أيت رخاء ، أكلــو، الساحل ، الروافض ، الركيبات ، أيت اوسا ، أيت المعدر ، إد براهيم ، تمنارت ، أيت لحسن ، و يبدو أن نحلة تحكات كما يسميها المختار السوسي ، لم تضعف و تتراجع سمعتها إلا بعد القرن السابع عشر الميلادي (17 م) ، وخصوصا عندما تحالفت نحلة تكزولت المناهضة لها مع أسرة بودميعة الإليغية ، و قد سهل هدا الانحراف المفروض ظرفيا عن القواعد الإليغية الداخلية انتصار تكزولت على تحكات ، حيث أتاح هدا الانتصار الفرصة لسيادة خطاب المنتصر في وقت تدخلت فيه عوامل أخرى لتفسد اللعبة الليفية في أساسها ، لتبقى صورة المنتصر لصيقة بالجزوليين إلى يومنا هدا ، وتركيبة كل حلف ليست مطلقة داخل نفس القبيلة يوجد غالبا اجزاء للفين كأيت الخمس ، أصبويا و الساحل مثلا ، وقد يحدث أن تنسحب قبيلة من حلفها الأصلي ن وتلتحق بالحلف المضاد، نظرا لظروف تاريخية معينة ، فمثلا إداوبعقيل كانت جزولية الأصل ، لكن لصراعها مع إمجاض ،و الدي حسمت فيه تزروالت لصالح امجاض اضطرت إداوبعقيل الإنضمام إلى الحلف المضاد تحكات ، ولا يقتصر الدور التاريخي لحلفي تحكات و تكزولت الحفاظ على التوازن بين المجتمعات القبلية المحلية فحسب ، بل أكثر من دلك يتجلى في خلق من التوثر الدائم بين الطرفين ، يحول دون الوقوع في مصادمات و حروب فعلية ، و إدا وقعت فلأن التوازن القائم قد اختل لسبب ما ، وإذا تمت الغلبة للقوي على الضعيف ، فإنها قلما تكون دائمة ، لأنه من الممكن تجاوزها بمساعدة الحلفاء أو بتدخل قوة المخزن أو الاستعمار الفرنسي لاحقا ، ويعتبر هدا المحور إطلالة تاريخية نعرف من خلالها اللف و دوره داخل المجموعة القبلية ، إضافة إلى كونه تمهيد لمحور آخر نتناول من خلاله إشكالية التسمية لكل من الحلفين و أصولها التاريخية