لمحة تاريخية عن أكرض تمنارت
الموقع
تقع منطقة تمنارت بين السفح الجنوبي لـلاطلس الصغير و بداية السفوح الشمالية لسلسلة باني الغربية و يحدها شمالا تافراوت و أنزي بالشمال الغربي تاغجيجت غربا و أقــا شرقا و جنوبا فم الحصن و أسا في الجنوب الغربي و تفوكنت في الجنوب الشرقي
تضاريس واحة تمنارت
تنتمي منطقة تمنارت من حيث الموقع بالنسبة للضاريس الى قدم الاطلس الصغير الغربي و بالضبط في فيجة تمنارت التي تفصل سلسلة الاطلس الصغير بسلسلة باني ويتميز الاطلس الصغير في قسمه الجنوبي المشرف على الصحراء ببروز هده أودية معمقة نازلة من المحاور الجبلية في اتجاه المنخفضات المجاورة و التي ساهمت التعرية الانتقائية العمودية في تشكيلها و تعمقها الشديد و كانت نتيجة تظافر عوامل التعرية و حوادث بنائية هامة تحول هوامش الجبال الى سهول و أشرطة طويلة تتخللها أعراف دكات حتية و كوارتزية على طول وادي درعة أما من الناحية البنيوية يعتبر الاطلس الصغير جزءا من القاعدة القديمة الافريقيةالقليلة التشويه دلك أن أهم المراحل البنائية في السلسلة قديمة جدا و قد تعرضت من جديد لأثار التكتونية خلال بداية الثلاثينات مع رفع شمولي دون اتخادها طابعا التوائيا مع عدم تماثل السفوح الجنوبية والشمالية فالطبقات تنحني تدريجيا في الجنوب مما سمح بوضوح اتار التعرية الانتقائية التي شكلت عددا من الاودية العميقة في غالبيتها و المتسعة كلما اتجهنا نحو الاسفل و أبرز مثال على هدا وادي تمنارت الدي ساهم في افساد عدد هام من العيون الواقعة على ضفافه أما فيما يخص السفوح الشمالية لسلسلة باني فهي تمتد على شكل متوازي مع السفوح الجنوبية لـلاظلس الصغير و تتكون أساسا من الحث الاردفيسي السلوري الشديد التحول و يمتد على مسافة من الشمال الشرقي حتى الجنوب الغربي كما تتميز بانحدارات أما الوديان الاتية من أعالي الاطلس الصغير هي مصدر بروز عدد من العيون التي تسقي واحات باني كواحة أكرض مركز تمنارت ويقصد بتسمية أكرض من الناحية الجغرافية الممر الجبلي الضييق في المناطق الجبلية القليلة الارتفاع و غالبا ما يطلق على الممرات الموجودة بالاطلس الصغير حيث يتكرر هدا الاسم عدة مرات كاسم لموقع معين بينما تتكرر تيزي التي تفيد نفس المعنى لكن في الاطلس الكبير و المتوسط
المناخ و الشبكة الهيدروغرافية
ان وجود منطقة تمنارت في حاشية الصحراء يجعلها مباشرة ضمن نطاق المناخ الصحراوي الدي يخيم على المنطقة طيلة السنة نظرا لبعدها عن البحر من جهة و لوجودها على قدم السفوح الجنوبية لـلاطلس الصغير التي تحول دون تسرب الكتل الهوائية الرطبة اضافة الى تعرضها لرياح الشركي الملتهبة من جهة الشرق و الجنوب في فصل الصيف من جهة ثانية أما فيما يخص التساقطات تكاد تكون منعدمة اللهم ادا استتنينا أعالي السفوح المشرفة على الصحراء حيث تسقط بعض التساقطات بكمية ضعيفة و غير منتظمة و هنا نتحدث عن المناخ الشبه الصحراوي أما المناطق السفلى فيسودها المناخ القاري الصحراوي و أشير هنا الى انه رغم كون المنطقة تنعم بتساقطات مهمة في بعض السنوات فان دلك لم يكن مجديا بشيء لسبب الكيفية التي تسقط بها حيث تتم في نهاية فصل الصبف بشكل مفاجىء اد تنخفض درجة الحرارة بشكل غير طبيعي و بالتالي هبوب عواصف و سقوط أمطار عاى شكل زخات مخلفة بدلك فيضانات تجتاح أراضي قاحلة و مملؤة بالغبار و يقع كل هدا في بداية فصل الخربف ثم تأتي بعد دلك فترة جافة وباردة ليلا تمحي اثار الفيضانات السابقة الدكر
أما فيما يتعلق بالشبكة الهيدروغرافية التي تغدي الواحات بالمياه معظمها نابع من قمم الاطلس الصغير على شكل أودية عميقة التي عملت على شق عدد من العيون التي يمكن اعتبارها اساس الحياة و الوجود في هده الواحات
الغطاء النباتي
ان الحديث عن الغطاء النباتي في التخوم الصحراوية يدفعنا مباشرة الى الحديث عن نوع نباتي معروف في المنطقة بصفة عامة ومنطقة تمنارت الواقعة في فيجة بين السفوح الجنوبية الاطلس الصغير و السفوح الشمالية لسلسلة باني تتميز بوجود هدا النوع هو شجر النخيل كمصدر أساسي لتغدية السكان اضافة الى كونه المادة الاساسية في عملية المبادلات التجارية و رغم كون شجر النخيل المثمر قادر على تحمل ظروف الشتاء البارد في الصحراء و التربة المالحة فانه على الاقل يتطلب توفر أماكن ساخنة وتربة رطبة ولم يكن هدا النوع موجود بالمنطقة على شكل طبيعي غابي بل تم غرسه و تجنيسه ويتم تواجد حقول النخيل في الواحات الجنوبية على ثلاثة أشكال
اولا : الحقول المحادية لـلانهار و نجد هدا النوع في درعة الوسطى و غريس وزيز و سافلة الريش حتى تافيلالت
ثانيا : الحقول الموجودة على مخارج الانهار ويبقى هدا الصنف دو أهمية لكون صبيب الانهار غير كافي لتزويد الواحات بحاجياتها من الماء
ثالثا : وجود حقول على مخارج العيون و هدا النوع ينطبق على واحة أكرض تمنارت التي تعتمد عين تيملت كمصدر اساسي في عملية السقي
و تعتبر حقول النخيل بباني من أهم حقول المغرب ويرجع دلك لشكل امتداد هده السلسلة من الشمال الشرقي الى الجنوب الغربي مما يجعل قممها تلعب دورا اساسيا في تزويد الواحات بالمياه الكافية عت طريق المجاري النازلة من هده القمم و نفس الدور تلعبه السفوح الاطلسية المشرفة على الواحات من جهة الشمال و عموما يكون المردود اما جيدا او متوسط أما ادا غادرنا نطاق هده الحقول الممتدة على مسافة ضيقة و محدودة جدا فسوف نجد أمامنا أراضي جرداء قاحلة اللهم بعض النباتات المتناترة و المتباعدة اضافة الى بعض الجنبات أشجار يتراوح عمرها ما بين مترين و سبعة امتار واحراش في مجاري الاودية و بين الاحجار وعموما فالغطاء النباتي بكل ما تتضمنه الكلمة من معنى منعدم تماما في هده المناطق و غالبا ما يرافق سقوط الامطار ظهور عشب أخضر خلال فترة قصيرة ثم ينمحي كليا بعد دلك
تاريخ تمنارت
تعتبر تمنارت من بين أهم المراكز الخصبة من حيث الانتاج العلمي و المعرفي نظرا لانتماء عدد غير قليل من الاسماء الـلامعة في مجال العلم و الدين الى هده القصبة و هدا يجعلنا نضفي نوعا من المصداقية على الرواية التي تقول بأن أصل تمنارت مشتق من كلمة المنار و حقا انها منار مشع بالعلم و العرفان و تنتمي تمنارت الى قبيلة كزولة و هي احدى قبائل اقليم سوس بالجنوب المغربي كما تعتبر قصبة تمنارت من أهم القواعد الاساسية بجزولة و قد أورد لــيون الافــريقي أن منطقة كزولة تقع جنوب الاطلس الكبير و كزولة تعريب لكلمة بربرية أمازيغية اكوزولن التي كانت مشهورة أكثر مما هو عليه في الفترة الحديثة اد تدل فقط على اللف تزروالت بالاطلس الصغير العدو التقليدي للف الاخر تحكات و سكتانة و هناك محاولات عديدة ترمي الىايجاد تقارب بين كلمة كزولة وتسمية كتلوس التي أطلقت على ساكنة منعزلة و متشبتة باستقلالها على طول فترة تاريخية مهمة وفي هدا الاطار تجدر الاشارة مثلا الى أن سكان طاطا ينسبون أنفسهم الجزوليين لكونهم أقدم مجتمع استقر بالمغرب و بعد أن كان موطنهم الاصلي هو شمال الاطلس ثم طردهم بعد نهاية الاستعمار الروماني الى السفوح الجنوبية لـلاطلس الصغير و الواحات المحادية لسلسلة باني كما تمت الاشارة الى الجيتليون في الكتابات التاريخية لفترة ما قبل الميلاد و التي أجمعت بأنهم سكان مهمشين يعيشون وراء الاطلس الكبير وجنوب الاطلس الصغير وهم دو بشرة سمراء ووصل امتداد قبائل كزولة حتى تخوم الصحراء وواحات باني
خاتمة
وعموما فمنطقة تمنارت توجد ضمن نطاق الجاف و الحار وقد زاد من حدة هده القساوة امتداد كل من سلسلة الاطلس الصغير الغربي و جبل باني التي عزلت المنطقة في وجه التيارات البحرية الرطبة و بالتالي وقوعها تحت رحمة التيارات الصحراوية الملتهبة الاتية سواء من الشرق او الجنوب وهكدا تكاد الحياة تكون مستحيلة لولا وجود هده الواحات التي هي بمتابة الركيزة الاقتصادية الاساسية للمنطقة سواء على مستوى التبادل التجاري او على مستوى التغدية و هدا ما يفسر تعاطي سكان هده المناطق للنشاط التجاري مند فترة مبكرة في تاريخ المنطقة و في الختام أشير الى ان أغلب السكان في هده المناطق يعيشون في خصاص باستتناء أولئك الدين يعتمدون على مصادر أخرى خارجية